في القرن التاسع عشر حلم أكاديمي يهودي بولندي اسمه لودوفيك لازاروس زامنهوف بلغة تكون «اللغة الثانية» لكل إنسان بعد لغته الأم، وتصلح جسراً للتفاعل الثقافي المصلح حول العالم. وفي عام 1887 أبصرت لغة «الإسبرانتو»، التي ألفها زامنهوف، النور حقاً، ولكن لا يزيد عدد من يجيدونها اليوم ـ في أفضل الأحوال ـ عن مليوني شخص. كما أنها لا تستخدم كلغة تعليم رسمية، إلا في مؤسسة أكاديمية واحدة فقط بدولة سان مارينو الصغيرة داخل إيطاليا.
في المقابل، نمت اللغة الإنجليزية نمواً عظيماً بفضل توسّع الإمبراطورية البريطانية، ومن ثم بروز الولايات المتحدة كأقوى قوى علمية وعسكرية وسياسية واقتصادية في العالم. وصار كثيرون يعتبرونها حقاً «اللغة الثانية». وخلال الصيف المقبل، يتوقع متابعو ازدهار اللغة الإنجليزية أن تحقق إنجازاً مهماً، هو بلوغ عدد كلماتها أو مفرداتها رقم «المليون».
فتبعاً لمؤسسة «ذي غلوبال لانغويدج مونيتور» اللغوية الاستشارية، التي تتخذ من مدينة سان دييغو بولاية كاليفورنيا الأميركية مقراً لها، بلغ عدد كلمات اللغة الإنجليزية مع يوم الاعتدال الربيعي 21 مارس (آذار) الماضي 988968 كلمة. وعلى هذا الأساس، ومع الأخذ في الحساب سرعة نمو اللغة وهضمها أو تطويرها كلمات جديدة، تنتظر «المؤسسة» بلوغ رقم المليون كلمة في وقت ما من فصل الصيف المقبل. كيف تجري «المؤسسة» حساباتها؟. إنها تنطلق من المفردات الموجودة في القواميس الكبرى كقاعدة، ثم تضيف مؤشراً توقعياً تعدادياً يقيس المفردات اللغوية الواردة في مختلف أجهزة الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع؛ مما يساعدها على رصد معدل النمو، واستنباط المفردات الجديدة، وكذلك اقتباس وهضم المفردات من اللغات الأخرى. بقي أن نشير إلى أن متوسط ما يستخدمه الشخص المتعلم الذي يتكلم الإنجليزية كـ «لغة أم» من كلمات هو اليوم بين 24 ألفا إلى 30 ألف كلمة أو مفردة. كما أن وليام شكسبير، أعظم أدباء الإنجليزية، استخدم 24 ألف كلمة، وزعم أنه ابتكر منها 1700.