عادة ما يتناول الناس في دول المتوسط البطيخ الاحمر مبردا وطازجا وحلوا، ويتناوله سكان بيروت ولبنان بشكل عام الى جانب الجبنة البيضاء كعشاء خفيف.
ومع هذا لا يزال البعض يتعامل مع البطيخ كأحد انواع الخضار، ففيما يصنع منه البعض مربى، يقليه اهل الصين (يقلى احيانا بزيت الزيتون والثوم والفلفل الحار والسكر) ويعملون على تخليله كما هو الحال في جنوب الولايات المتحدة وروسيا واوكرانيا وبلغاريا وصربيا.
وبالطبع كالكثير من انواع النباتات، كان رمز البطيخ هاما في الكثير من المجتمعات الآسيوية والافريقية والاميركية القديمة، وجزءا من التراث الفني والمعتقدات العامة عن الحياة والموت.
ولطالما يعتبره اهل المكسيك والكثير من سكان اميركا اللاتينية طعاما للموتى خلال الاحتفالات بما يعرف بـ«يوم الموتى» (Da de los Muertos) الذي يحتفل به كل سنة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني).
ورسم البطيخ على قطع الفخار والسيراميك والكثير من القطع الفنية التي تعود الى حضارة الأنكا.
وتقول الموسوعة الحرة إن أهل فيتنام يستخدمون البطيخ لجمال لونه الذي يعبر عن الحظ السعيد خلال عطلتهم السنوية المعروفة بـ ( Tt) ويتناول الناس هناك بذوره بكثرة كما هو الحال في الكثير من البلدان التي تحمصه مع الملح.
وفيما استغل البطيخ كرمز عنصري ضد السكان السود من اصول افريقيا، اعلنت ولاية اوكلاهوما عام 2007 البطيخ خضرة الولاية وسط نقاش حاد حول ما إذا كان نوعا من انواع الخضار او الفاكهة وبالطبع لم ينته النقاش الى نتيجة.
وكما هو معروف ولأسباب تتعلق بالحياة المدنية الحديثة، انتج اليابانيون خصوصا مزارعي «زينسوجي» نوعا مربع الشكل من البطيخ الاحمر ليسهل تقطيعه وتخزينه في البراد.
ورغم غلاء سعره، انتجت بعض الدول البطيخ المثلث او الهرمي الشكل لغايات استهلاكية كما هو الحال مع البطيخ الخالي من البذور الذي ينتشر في كل مكان حاليا.
يزرع البطيخ الاحمر بكثرة في لبنان (في المناطق الساحلية بين بيروت والجنوب وخصوصا منطقة عدلون) وسوريا وفلسطين والعراق (خصوصا سامراء والموصل والجنوب بشكل عام).
كما يزرع اهل الخليج البطيخ مثل السعودية والكويت والبحرين واليمن على الارجح. وتعرف مصر البطيخ ايضا الى جانب المغرب وتعتبر الدولتان من الدول المهمة على صعيد الإنتاج الدولي سنويا (2 في المائة من الإنتاج العالمي)، الى جانب تونس وسوريا.
واضافة الى الدول العربية، تعرف دول حوض البحر الابيض المتوسط بشكل عام البطيخ وخصوصا دول جنوب اوروبا مثل ايطاليا واليونان، اضف الى ذلك اسبانيا والبرتغال والبانيا. ويباع في اليونان كشرائح مبردة للسياح المترامين على الشواطئ.
واهم هذه الدول عالميا تركيا التي تحوز 4 في المائة من الإنتاج العالمي حسب الارقام الاخيرة لمنظمة الغذاء العالمي.
ومن الدول المهمة جدا على صعيد الإنتاج العالمي الصين التي تأتي على رأس لائحة الدول المنتجة له (71 في المائة) وبعدها تركيا وايران والبرازيل والولايات المتحدة الاميركية على التوالي.
ووصل حجم الإنتاج العالمي عام 2004 الى 26.7 مليون طن ـ متري. وحسب ارقام عام 2005 يبدو ايضا ان البرازيل من الدول المهمة في انتاج البطيخ الاحمر، الى جانب روسيا والمكسيك والجزائر وكوريا.
ومن اهم الدول المصدرة المكسيك وماليزيا وفيتنام وايطاليا وهنغاريا وباناما. طبيا، يعتبر البطيخ الاحمر غنيا بالماء والسكر ومصدرا من مصادر فيتامين «سي» وعدد آخر من الفيتامينات الهامة والمواد المعدنية والدهنية والبروتين.
كما يحتوي البطيخ بكثرة على مادة «ليكوبين» (lycopene) التي تمنحه لونه الاحمر كما هو الحال مع الكثير من انواع الخضار والفاكهة الحمراء اللون.
وتعتبر المادة من المواد المضادة لعدد من امراض السرطان وخصوصا سرطان المثانة.
وتحتوي هذه الفاكهة البسيطة والجميلة الشكل على مادة او الحمض الاموني «سترولاين» (Citrulline) التي تساعد على توسيع الشرايين واسترخائها.
كما يلعب هذا الحمض دورا في تحسين الشهية الجنسية كحال الفياغرا. وتشير بعض المعلومات الاخيرة إلى ان اهل الصين يلجأون الى طحن قشور البطيخ وغليها وتناولها لفترة طويلة لعلاج ارتفاع ضغط الدم.
كما تسخدم قشور البطيخ كما يبدو لعلاج التهاب الكلى (مقلية) ويقول احد المهتمين بعالم البطيخ على شبكة الانترنت ان قشور البطيخ تستخدم ايضا لعلاج الامساك والاحتباس البولي، وتقوية الدم والمساعدة على الهضم وتليين الامعاء وتفتيت حصى الكلى.
وعادة ما يستخدم البطيخ لترطيب البشرة وتبريد الجروح والحروق وتخفيف الوزن. وتساعد بذوره الغنية بالمواد الدهنية غير المشبعة على تخفيف نسبة الكوليسترول في الدم.
هناك بالطبع الكثير من المئات من انواع البطيخ الى جانب البطيخ الاحمر، ويعرف بعضها بـ«الشمام» (لرائحته الطيبة والقوية) او«الأناناس» في منطقة الشرق الاوسط وخصوصا لبنان وفلسطين وسوريا وقبرص وجزيرة كريت، وهو من اطيب الانواع والذها.
ويستخدم الاوروبيون بعض انواعه الصفراء مع اللحم المبرد. ومن اكثر الانواع المعروفة اوروبيا واميركيا ودوليا الى جانب الاحمر، اولها «هانيديو» (Honeydew melon ) وبعدها «كنتالوب» (cantaloupe) و«غاليا» (The Galia ) المشابه لـ«كانتالوب».
ويعرف الـ«هانيديو» وهو اصفر خفيف اللون مائل الى الخضار (باهت)، كثيرا في الولايات المتحدة وجنوب فرنسا والجزائر.
وهو ايضا من الانواع المعروفة في الصين وخصوصا في اقليم غانسو في القسم الشمالي الغربي من البلاد.
وقد ادخله الى الصين نائب الرئيس الاميركي روزفلت هنري وليس اثناء زيارته الى بكين عام 1944. اما «كانتالوب» فهو من الأنواع المكورة المتوسطة الحجم الذي يتمتع بقشرة قاسية تشبه شكل الصخور والخرائط وداخلها اقرب الى اللون البرتقالي منه الى الاصفر.
ولهذا يسميها اهل نيوزيلاندا واستراليا بـ«بطيخ الصخرة» (rockmelon) تيمنا بقشرته.
وتعتبر اصول هذا النوع افريقية وهندية. وكان الإيطاليون اول من سماه باسمه الحالي نسبة الى المقر الصيفي للبابا قديما في منطقة سابين قرب تيفولي في ايطاليا.
وتم جلب بذوره كما يقال من ارمينيا نهاية بداية القرن الثامن عشر.
وقد وصل هذا النوع الذي احبه البابوات الى اميركا عبر كولومبوس، ويستغل حاليا استغلالا صناعيا لانتاج السكر ومساعدة النحل على التكاثر وغيره من انواع العصير والحلويات والبوظة.
ان الاسم العلمي للبطيخ الاحمر الذي يطلق عليه بالإنكليزية اسم «ووتر ميلون» (Watermelon)، هو«سيترولوس لاناتوس» (Citrullus lanatus)، من فصيلة القرعيات والعائلة النباتية المعروفة بـ(Cucurbitaceae).
وفي العالم العربي كالكثير من البلدان يطلق عليه اسماء مختلفة فاسم البطيخ يستخدم بكثرة في لبنان وفلسطين وسوريا وغيرها، لكن اهل المغرب العربي يسمونه «الدلاع»، ويطلق عليه اهل العراق وبعض دول الخليج اسم «الرغي». او«الرقي».
لكن يقال ان اهل الجزيرة العربية يطلقون عليه اسم «الحبحب» ايضا وان في بعض بلاد الشام يسمى البطيخ بـ«الجبس»، والبعض الآخر يطلق عليه اسماء كثيرة كالـ«جح» و«الشمزي» و«الدلاح» وغيره.
تشير المعلومات المتوفرة الى ان اصل البطيخ الاحمر، من منطقة الشرق الاوسط وبدا الناس بزراعته بانتظام قبل 4000 سنة، وقد ادخله كريستوفر كولومبوس الى العالم الجديد في اميركا نهاية القرن الخامس عشر، وان الاسبان بدؤوا باستغلاله على نطاق واسع في ولاية كاليفورنيا.
مهما يكن فإن الخلاف على اصل البطيخ لا يزال غير محسوم، إذ يعتبر البعض القارة الافريقية السمراء في صحراء كالاهاري حسب المكتشف ديفيد ليفينغستون هي موطنه الأصلي.
ورغم ان الفراعنة لم يتركوا آثاره ونصوصا عنه كما يقال فإن العلماء عثروا على بذور البطيخ في قبر توت عنخ آمون.
وان وادي النيل عرف هذه الفاكهة في قرون عدة قبل الميلاد. ورغم انه لم يتم العثور على آثار قديمة للبطيخ في المتوسط، فإن الصين عرفته في القرن العاشر قبل الميلاد، ونقله اهل المغرب العربي الى اسبانيا والاندلس في القرن الثالث عشر ومن هناك انتشر في اوروبا حسب المؤلف جون مارياني.
وقد ظهر اسم البطيخ الاحمر «ووتر ميلون» (watermelon) باللغة الإنجليزية لاول مرة عام 1615.
ويعتقد اهل فيتنام ان البطيخ عرف في بلدهم قبل الصين واثناء حكم الملك هونغ. وتقول الخرافة الفيتنامية ان الامير آن تييم ابن الملك هونغ هو الذي اكتشف قديما البطيخ اثناء وجوده منفيا في احدى الجزر (كان شرط عودته الصمود في الجزيرة لمدة ستة اشهر، فرمى عصفور طائر حبة البطيخ لتنمو وتنقذ الامير ولذا يطلق على البطيخ اسم «دورا تاي» (d?a tây) أي البطيخ الغربي تيمنا بالعصافير التي تأكله وتأتي عادة من جهة الغرب.
وبعد احتلال الصين لفيتنام في عام 110 قبل الميلاد اطلق اهل الصين عليه اسم «البطيخ الجيد». وكما سبق وذكرنا فقد ادخله كولومبوس الى اميركا رغم ان المكتشفين والمستعمرين الفرنسيين سجلوا مشاهدات تؤكد زراعة الموطنين الهنود الاصليين له في وادي نهر الميسيسيبي.
وشوهد المزارعون الهنود يزرعونه في ولاية فلوريدا عام 1664 وحول نهر كولورادو نهاية القرن الثامن عشر.
ويقال ان البطيخ وصل الى ماستشوسيتس عام 1629. ويعتقد المؤرخ جون ايغيرتون ان العبيد في القرون الماضية جلبوا البطيخ معهم من القارة الافريقية الى العالم الجديد