رام الله (الضفة الغربية) (رويترز) - أخلت السلطة الفلسطينية مساء السبت سجن نابلس المركزي الذي يعود بناؤه الى الدولة العثمانية من نزلائه تمهيدا لهدمه رغم معارضة دائرة الاثار العامة.
وقال جمال محسين محافظ نابلس لرويترز يوم الاحد "صدر قرار من مجلس الوزراء بهدم المبنى (السجن المركزي). تم الليلة الماضية نقل السجناء منه الى مكان اخر تم استئجاره الى حين انشاء سجن جديد سيكون ضمن المواصفات الدولية."
وأوضح محسين ان ما يجري من اعمال بناء مكان مقر المحافطة الذي دمره الاسرائيليون خلال سنوات الانتفاضة يهدف الى اقامة مجمع للاجهزة الامنية اضافة الى سجن مركزي ومستشفى عسكري بتمويل من الاتحاد الاوربي يبلغ اربعة وثلاثين مليون يورو. وقد بدأت الاعمال بانشاء السور الخارجي للموقع.
ولم يعط المحافظ موعدا محددا لهدم الجزء المتبقى من مبنى السجن المركزي مكتفيا بالقول "الاليات تعمل في المكان".
يلقى هدم سجن نابلس المركزي الذي يعود تاريخه الى مئة وثلاثة وثلاثين عاما معارضة شديدة من خبراء الاثار وقال حمدان طه مسؤول الاثار العامة في السلطة الوطنية لرويترز يوم الاحد "لم يصلنا اي قرار من مجلس الوزراء واذا صدر هذا القرار فانه مخالف للقانون."
ينص قانون الاثار المعمول به في مناطق السلطة الفلسطينية في احدى مواده على انه "يعتبر اثار أي شيء منقول او غير منقول انشأه أو صنعه أو نقشه أو بناه أو رسمه أو عدله انسان قبل مئة سنة ميلادية من الوقت الحاضر."
ويضيف القانون "يحظر اتلاف الاثار المنقولة أو غير المنقولة أو الحاق الضرر بها."
واضاف حمدان "قدمنا (دائرة الاثار العامة) تصورا شاملا للحفاظ على المبنى كجزء من التاريخ وان هدمه يعني ازالة جزء من الذاكرة الفلسطينية."
يعتبر مبنى سجن نابلس المركزي الذي يطلق عليه اسم (القشلة) الوحيد المتبقي كنموذج للبناء العسكري خلال الفترة العثمانية وكانت اجزاء منه تعرضت للهدم خلال الاجتياحات الاسرائيلية للمدينة في الانتفاضة الثانية والمستخدم حاليا كسجن من قبل السلطة الفلسطينية.
وقال ضرغام الفارس مسؤول دائرة الاثار في نابلس "بقي من المبنى الذي شيد بين عامي 1872 و1876 في عهد السلطان عبد العزيز خان ابن السلطان محمود الثاني 13 غرفة بمساحة 1600 متر مربع".
وأضاف "هذا المبنى شاهد على تاريخين.. التاريخ العثماني في هذه المنطقة وعلى جرائم الاحتلال الاسرائيلي ضد الابنية التاريخية الفلسطينية عندما هدم اجزاء منه في الانتفاضة الثانية. وقد شيد على نفقة اهالي نابلس الذين ضاقوا ذرعا بالجنود العثمانيين الذين كانوا يقيمون داخل المدينة."
وتابع "الاهالي شكلوا لجنة لجمع التبرعات ومن لم يكن قادرا على دفع التبرعات كان يعمل بنفسه في البناء وقام المهندس الحربي نور بك بوضع تصميم البناء والاشراف عليه".
وقالت خلود دعيبس وزيرة السياحة والاثار في الحكومة الفلسطينية لرويترز ان وزارتها "قدمت مجموعة من الاقتراحات لمجلس الوزراء للحفاظ على هذا المبنى ليس لاهميته كبناء معماري فقط بل لانه جزء من الذاكرة الفلسطينية."
واضافت "انني ضد هدم هذا المبنى واذا كنا نحن كجهة رسمية نقوم بهدم المباني التاريخية فكيف نطلب من الناس المحافظة على المباني التاريخية."
وترى دعيبس انه بالامكان الحفاظ على المبنى القديم ودمجه مع المباني الحديثة وقالت "نحن على اتم الاستعداد للمساهمة من خلال مهندسينا على وضع تصور شامل لدمج المبنى المتبقي من السجن مع المباني الحديثة ليكون متحفا او شاهدا على الذاكرة الفلسطينية."
وتسعى السلطة الفلسطينية الى ادراج مدينة نابلس على لائحة التراث العالمي. وقال طه "المدينة (نابلس) موضوعة على اللائحة التمهيدية من اجل وضعها على لائحة التراث العالمي لما تضمه من مواقع أثرية مرتبطة بروايات تاريخية ودينية ومنها البلدة القديمة في نابلس وجبل جرزيم وبلدة سبسطية وغيرها من المواقع".
من علي صوافطة