فجر عدد من أعضاء مجلس الشعب المصري من جديد أزمة الممرضات المنقبات بعد التهديدات التي أدلى بها وزير الصحة الدكتور حاتم الجبلي أخيراً بوضع الممرضات أمام خيارين، إما خلعهن النقاب أو الطرد من وظائفهن.
وشنّ أعضاء البرلمان هجوماً على تلك التصريحات، مطالبين وزير الصحة بالكف عن إثارة تلك القضية وملاحقة الممرضات المنقبات والتركيز فقط على أحوالهن الوظيفية المتردية.
وطالب عضو مجلس الشعب الدكتور فريد إسماعيل بعدم الاقتراب من نقاب الممرضات حفاظًا على الحقوق الدستورية للمواطنة، فيما أكد النائب الدكتور جمال قرني أن هؤلاء الممرضات في حاجة الى تحسين أحوالهن بدلاً من ملاحقتهن بهذا الشكل المهين، مشيراً إلى أن مناوبة الواحدة منهن تصل إلى 90 قرشاً أي أقل من جنيه مصري.
يذكر أن هذا الإجراء سوف يلزم آلاف الممرضات وتحديداً 9630 ممرضة منقبة بكشف وجوههن أو ترك وظائفهن وفقاً للتعليمات الجديدة، وذلك بحسب الإحصائية الرسمية التي أعدها فريق تابع لوزارة الصحة، والتي أكدت أن مصر بها 9630 ممرضة ملتزمة بارتداء النقاب يمثلن نحو 10.7% من إجمالي الممرضات البالغ عددهن 90 ألف ممرضة.
تنفيذ القرار بشكل كامل
وكانت وزارة الصحة المصرية قررت فرض زي موحد على الممرضات في جميع المستشفيات للحد من ظاهرة المنقبات في الميدان الطبي.
وقالت الدكتورة هدى زكي رئيسة الإدارة المركزية لشؤون التمريض بوزارة الصحة وممثلة الوزارة بمجلس الشعب في تصريح لـ"العربية.نت" إن القرار صدر في فبراير2008 ويشمل المستشفيات والمراكز التابعة لوزارة الصحة.
وأضافت رداً على ما أثاره نواب البرلمان بكون النقاب من الحريات الشخصية، أن وزارة الصحة حصلت على حكم قضائي عام 2007 باستثناء المستشفيات من الحريات الشخصية، وأن الوزارة تقوم حالياً بتنفيذ القرار بشكل كامل في كل الوحدات الصحية والمستشفيات بالمحافظات المختلفة.
وعن مواصفات الزي الجديد قالت زكي إنه عبارة عن حجاب يوضع داخل ياقة البدلة التي تم الاتفاق عليها لتكون زياً موحداً، وأشارت إلى أن وزارة الصحة ستقوم بإلزام الممرضات العاملات في المستشفيات الحكومية بضرورة احترام الزي الجديد، وهو ما يلزمهن بتخليهن عن ارتداء النقاب.
واستغربت الدكتورة هدى زكي أن تثار هذه القضية مرة أخرى في مجلس الشعب أمس الأحد 5-4-2009 رغم أن القرار تم تطبيقه بالفعل في عدد كبير من المستشفيات والمراكز التابعة لوزارة الصحة، واستجابت الغالبية العظمى من الممرضات المنتقبات للقرار دون ادنى مشكلة.
وقالت "ربما إعلان الوزارة أنها ستعمل على تعميم القرار بشكل كامل أثار بعض النواب رغم انه لا توجد اي ازمة على الاطلاق".
مؤكدة أن موقف الوزارة تجاه هذه القضية واضح ولن يتغير "لأن هدفنا هو توحيد الزي بشكل يتلاءم مع مهنة التمريض".
النقاب قضية حساسة
وقال رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب الدكتور حمدي السيد إن أزمة الممرضات المنقبات تعد من القضايا الحساسة، خاصة أن النقاب يعد من الأمور الشخصية التي لا يجب التدخل فيها بأي حال من الأحوال.
وأضاف "ليس من حق وزير الصحة ملاحقة الممرضات المنقبات أو منعهن من ممارسة أعمالهن بسبب تغطية وجوههن، وعليه الكف عن تصريحاته التي ستشعل ازمة حقيقية تدفع بأكثر من 9500 ممرضة منقبة الى اتخاذ مواقف جماعية ليست في مصلحة أحد".
وأكد حمدي أن مصر تعاني أزمة ممرضات حقيقية تتمثل في وصول العجز في أعدادهن الى أكثر من 40 ألفاً، حيث تعاني مئات المستشفيات في 12 محافظة مصرية من نسبة عجز شديدة في أعداد الممرضات ما يستوجب تضافر الجهود لحل تلك الأزمة بدلاً من تسريح أكثر من 9500 ممرضة بحجة النقاب.
كانت أزمة الممرضات المنقبات قد اشتعلت منذ ما يقرب من العامين وتحديدا في منتصف عام 2007 عندما اصدرت وزارة الصحة قراراً يقضي بتوحيد زي الممرضات -من دون نقاب- على أن يدخل هذا القرار حيز التنفيذ في شهر مارس من العام الماضي، وهو ما لم يتم تنفيذة لاعتراض كل من نقابة الاطباء ونواب البرلمان عليه، داعين وزارة الصحة إلى البحث عن المشاكل الحقيقية ومحاولة ايجاد حلول ايجابية لها بدلاً من إلهاء الرأي العام بأمور تافهة.
فيما أكد أحد نواب الكتلة البرلمانية للاخوان المسلمين بمجلس الشعب الدكتور حمدي حسن أنه لا ينبغي أن تصطدم السلطات الأمنية في دولة إسلامية بعقائد المسلمين أو حتى المسيحيين، مشيراً إلى أن "الادعاء بأن النقاب يؤثر في عمل الممرضة يعد مراوغة غير مقبولة".
واقترح النائب فريد إسماعيل البحث لهن عن وظائف أخرى بالمستشفيات تتناسب مع ارتدائهن النقاب، بحيث تكون تلك الوظائف بعيدة عن التعاملات مع جمهور المرضى أو غرف العمليات بدلاً من إجبارهن على كشف وجوههن.
وأضاف أن الوزارة سوف تضع نفسها في موقف محرج إذا اصرت على قرارها لأنها ستفشل في تنفيذه.