أدى انتشار الأنترنت إلى تراجع القراءة والبحث لدى الأطفال كذلك، بعدما بات هؤلاء لا يجدون حرجا في مطالبة أصحاب مقاهي الأنترنت باستخراج بحوثهم ونسخها في ظرف خمس دقائق مقابل عشرين دينارا.
إذا كان الأنترنت يقترح وسائل للبحث عن المعلومة في ظرف وجيز بفضل الشبكة العنكبوتية للمواقع التي يضمها في مختلف المجالات، فإنه تحول إلى مصدر للتلاميذ لإنجاز بحوثهم في وقت قياسي وبجهد هزيل. والملاحظ أن الاستعانة بالأنترنت لم تكن لتنويع المصادر وجمع أكبر عدد من المعلومات التي تقترحها، وإنما بنسخ أحد المواقع التي تضم المعلومات المطلوبة ومطالبة أصحاب مواقع الأنترنت بالقيام بالعملية التي لا تكلفهم إلا انتظار خمس دقائق ودفع عشرين دينارا عن كل ورقة مستنسخة ومطبوعة. وقد تفطن العديد من الأساتذة والمعلمين لهذه الظاهرة التي بات فيها التلاميذ لا يجتهدون في عمليات البحث عن عناوين الكتب وقراءتها بحثا عن المعلومة، باكتشافهم جهل الكثير من هؤلاء لما هو مكتوب فيها وصعوبة قراءتها عند مطالبتهم بذلك، مما يؤكد عدم كتابتها من طرفهم واختيار الكتابة بالحاسوب لم يكن إلا للتزيين، الأمر الذي جعل البعض يطالب التلاميذ بكتابة البحث بخط اليد لإجبارهم على مطالعة ما جلبوه من معلومات.
كما يكتشف الأساتذة أن أغلب البحوث المقدمة لهم متشابهة لاعتمادها على المرجع والموقع نفسه، بعد اختيار أصحاب المقاهي محرك البحث نفسه عادة وكتابة الكلمة المطلوبة بالعربية أو الفرنسية، ونسخ أول موقع مقترح في نتائج البحث لعدم تضييع الوقت، دون الاكتراث بتنويع المصادر والتحقق منها أو مقارنتها لتقديم الأحسن. وقد اعتبر أحد أصحاب مقاهي الأنترنت، لدى استفساره في الموضوع، الأمر عاديا لمسايرة العلم، بعدما تحولت المقروئية من اقتناء الكتاب من المكتبة بعد البحث في الموسوعات والدليل الذي يأخذ وقتا طويلا، إلى حواسيب الأنترنت التي تقدم جميع المعلومات في ظرف وجيز، وبالتالي فالعملية إيجابية، حسبه، ومشجعة لعمليات البحث.
غير أن أحد الأساتذة، وإن اعتبر البحث عبر الأنترنت مشروعا للتلاميذ لتنوع المصادر في الشبكة العنكبوتية، إلا أنه يرفض كيفية استخراج المعلومات التي لا تكلف التلميذ أي مجهود باستثناء التنقل إلى مقاهي الأنترنت أو تشغيل الأنترنت إذا كانت متوفرة في المنزل، وبالتالي الاستخفاف بالعلم وعدم تحقيق الهدف المنشود من تقديم البحث لتحفيز التلاميذ على فهم الموضوع من خلال المطالعة وتقصي المعلومة.