فيينا: ربما تكون أصغر محطة إذاعة، لكنها، من دون شك، مليئة باللمسات الإنسانية، ولا تبتعد عن الشطارة التجارية المطلوبة عند أصحاب المؤسسات التجارية، طالما كان ذلك في حدود القانون.
إنها محطة الإذاعة الجديدة الصغيرة التي استحدثتها ألكسندرا فاكر، التي تملك وتدير مطعما من تلك المطاعم التي تتوافر في محطات القطارات الأوروبية المزدحمة بالمسافرين من كل الاتجاهات. ويقوم مطعمها داخل محطة قطارات الغرب «ويست بانهوف» بالعاصمة النمساوية فيينا.
محطة الإذاعة هذه محطة إذاعية قانونية، شريطة ألا يتعدى نطاق التردّدات الصوتية لبثها بضعة أمتار فقط، أي أن تظلّ محصورة ما أمكن داخل المنطقة المحيطة بالمطعم، غير أن هذه المساحة أكثر من كافية، خاصة أن معظم برامجها تتصل بما تحتويه «قائمة الطعام» اليومية من وجبات ساخنة أو باردة، بجانب المأكولات والحلويات والمرطبات الأخرى، وتتنوع وتتفنن في عرض خدماتها «إذاعيا» لمن حرموا أساسا من نعمة البصر، وليس بإمكانهم الاطلاع وقراءة قائمة الطعام. مساعدة المكفوفين كانت السبب الرئيسي الذي دفع ألكسندرا إلى تأسيس الإذاعة، بعدما لاحظت معاناتهم لمعرفة ما تحتويه القائمة، رغم أن التقنية الحديثة سهلت عليهم إمكانية الحركة، دون طلب مساعدة من أي إنسان، بالاعتماد على الكلاب المدرّبة، أو بواسطة أنواع من العصي ذات الذبذبات الترددية، في حين تستحيل عليهم القراءة إلا بطريقة «برايل»، التي لا تتوفر في كل مكان.
حسب ألكسندرا، لم تتطلب إذاعتها الصغيرة منها غير الحصول على تصريح رسمي، وهذا أمر أصبح متيسّرا بعد قانون صدر حديثا. وبعد حصولها على التصريح قصدت متجر إلكترونيات اشترت منه جهاز إرسال لاسلكيا على إشارة إف إم، يؤمّن الإشارات لبث عبر الأثير لم يكلفها ـ لدهشتها ـ أكثر من 35 يورو فقط. وهكذا أصبحت تمتلك محطة إرسال إذاعي، على الراغبين في استقبالها استخدام الراديوهات المتوفرة في هواتفهم الجوالة. وعبرها تأتيهم أصوات تفيض عذوبة تشرح ما تحتويه قائمة اليوم مع فقرات عن الحلويات والفطائر المحشوة بالشوكولاته أو المكسرات، وتلك المصحوبة بمزيج من الفراولة الطازجة مع خطوط من المشمش. وللعلم، يقدم المطعم أكثر من 13 نوعا من القهوة.