ماذا أعددنا لرمضان؟
يتبادر في ذهن كلّ مسلم تساؤلات عدة، أهمّها: ماذا أعددتُ لرمضان؟ وهل استفدتُ من رمضان الماضي؟ وقبل الإجابة عن هذه الأسئلة، يجب أن نعلم فضل هذا الشهر الكريم: قال سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''كلّ عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال تعالى: {إلاّ الصوم فإنّه لي وأنَا أُجزي به، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي}، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربِّه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك'' رواه مسلم. وقال عليه الصّلاة والسّلام: ''إنّ في الجنّة بابًا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يُقال أين الصائمون؟ فيقومون، فيدخلون منه، فإذا دخلوا أُغْلِقَ فلم يدخل منه أحد''.
وقد كان سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يزف بُشرى قدوم شهر رمضان لصحابته وأهل بيته الكرام رضوان الله عليهم جميعًا: ''أتاكُم رمضان شهر مبارك فرض الله عزّ وجلّ عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب السّماء، وتُغلق فيه أبواب الجحيم، وتُغَل فيه مَرَدَةُ الشّياطين، لله فيه ليلة خير من ألف شهر، مَن حَرُم خيرَها فقد حَرُمَ'' رواه النسائي والبيهقي.
قال الإمام ابن رجب: (هذا الحديث أصلٌ في تهنئة النّاس بعضهم بعضًا بشهر رمضان، كيف لا يـُبشّر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟! كيف لا يـبشّر المذنب بغلق أبواب النيران؟! كيف لا يبشّر العاقل بوقت يغل فيه الشّياطين؟!).
فهل أعددتَ أخي المسلم نيةً صالحةً وعزمًا صادقًا قُبيل صومك لشهر رمضان المعظّم؟!.. هيئ الإخلاص الصادق والعزم الأكيد وأنتَ تستقبل شهر الصيام والقيام والذِكر وقراءة القرآن.
الكل يُفكّر في مصاريف رمضان وإعداد ما يلزم من طعام وشراب!.. لكن هل أعددتُم غذاء الروح من عمل صالح والتوبة والاستغفار والدعاء والإقبال على الله عزّ وجلّ!، قال سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه، ومَن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه'' رواه البخاري ومسلم.
هل سبق لك أن حاسبتَ نفسك في رمضان واحد يمر عليك؟!، مصداقًا لقول سيّدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (حاسب نفسك قبل أن تُحاسب)، ليصفو لك صومك حتّى تكون صائمًا حقًا، قال الحسن البصري: (إنّ العبد لايزال بخير ما كان له واعظ من نفسه، وكانت المحاسبة من همّته).
وهل أعددتَ نفسك لتكون من المعتوقين من النّار؟، فالسعيد مَن خرج من صومه مغفورًا له، قال سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''لله عند كل فطر عُتَقاء'' رواه أحمد والطبراني. وكان ابن مسعود رضي الله عنه إذا انقضى رمضان يقول: (مَن هذا المقبول منّا فنهنيه؟ ومن المحروم منّا فنعزيه!).
إذا تلطّخَت صفحات حياتك بأدران المعاصي.. فرمضان موسم يمنحك صفحة بيضاء لتملأها بأعمال جديدة بيضاء كبياض الثلج، فلا تجعل أيّام رمضان كأيّامك العادية، بل اجعلها غُرّة بيضاء في جبين أيّام عمرك. قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (إذا صُمتَ فليَصُم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليَكُن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك، ويوم فطرك سواء).
إذا كُنتَ قبل رمضان كسولاً عن أداء الصّلوات في المساجد.. فاعقد العزم في رمضان على عمارة بيوت الله وأدائها جماعة، عَسَى الله تعالى أن يكتب لك توفيقًا دائمًا، ويغفر لك ما تقدّم من ذنبك وما تأخّر ويعتقك من النّار.
إذا كنتَ شحيحًا بالمال.. فاجعل رمضان موسم بذل وجود، فهو شهر الجود والإحسان، ومضاعفة الحسنات.
وإذا كنتَ غافلاً عن ذكر الله تعالى.. فاجعل رمضان أيّام ذِكر ودعاء وتلاوة للقرآن، فهو شهر الذِكر والقرآن.
فاحرص أخي المسلم على التّعرض لنفحات هذا الشهر المبارك، عسى الله تعالى أن يجعل عاقبتك على خير، قال سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''افعلوا الخير دهركم وتعرّضوا لنفحات رحمة الله، فإنّ لله نفحات من رحمته يصيب بها مَن يشاء من عباده، وسلُوا الله أن يستر عوراتكم، وأن يؤمن روعاتكم'' رواه الطبراني.