فيينا: جلس الحضور بكامل أناقتهم الرسمية لتناول العشاء حول مائدة فخمة أعدّت بعناية فائقة، بحيث لا تغفل ملعقة، أو شوكة، أو أيا من أنواع الزينة من شموع وزهور ومناديل، ناهيك عن الأغطية الفضية الضخمة التي تحفظ الطعام ساخنا. ولإضفاء مزيد من الرومانسية، كان هناك عازف، وبيانو، ومقطوعات مختارة من روائع الموسيقار النمساوي الشهير موتسارت. أما في المؤخرة، فقد وقف «الشيف» وأمامه صف كامل من الطهاة والمساعدين والخبراء وهو يراجع كل تفاصيل ما قد يحتاجه من أغراض، كي لا ينسى شيئا.. فليس هناك من متسع أو إمكانية للالتفات إلى الخلف لتناولها، إذ لا مطبخ خلفه، لا سيما أنه خلال بضع دقائق سيكون على ارتفاع 50 مترا، محلقا والحضور في السماء، تاركين الأرض تحتهم.
الحضور كانوا موعودين بـ«عشاء في السماء»، تحملهم إليه رافعة ضخمة (كرين)، بعد تقييد كل منهم على مقعده بأحزمة صارمة.. ثم تتم «النقلة» من الأرض إلى الفضاء العريض من دون أسوار أو حواجز.. فقط تلك الأحزمة كفيلة بإبقاء الجميع جلوسا حول المائدة الممتدة على مساحة 30 مترا، والمثبتة بدورها على سقالة ترفعها تلك الرافعة.
الحقيقة أنها تجربة رائعة أن يتمكن المرء من مشاهدة فيينا، والتمتع بمعالمها من السماء. والأكثر روعة أن يتوافر للإنسان مجال للإبداع والخيال ورباطة الجاش، وبالطبع ميزانية تسمح له بدفع مبلغ 99 يورو لذلك العشاء «الطائر».
فكرة «عشاء في السماء»، أوDinner in the Sky ، فكرة جديدة وصلت إلى العاصمة النمساوية، لكي تتيح لمن يتحلى بروح المغامرة أن يتعشى طائرا في سماء المدينة العريضة. وإذا ما نجحت ووجدت قبولا شعبيا، فثمة وعود بألا يكتفي الراغبون بالعشاء، بل ستصبح المائدة عامرة لتشمل وجبات ما بين الفطور المتأخر والغداء المبكر «برانش»، ثم الغداء، والعشاء.